تعرف على موقع تصوير المسلسلات التركية المفضل
أزقة ضيقة، وبيوت قديمة، محملة بعبق التاريخ، وملونة برونق الحياة المعاصرة، هي قبلة الباحث عن جماليات الماضي، وهوليوود المسلسلات والسينما التركية، تتجسد في حي “بلاط” التاريخي في إسطنبول، الواقع على خليج القرن الذهبي.
الحي الذي يقع داخل أسوار إسطنبول العتيقة، وملاصق لمياه الخليج الذهبي، يعد واحد من أهم مراكز الجذب في أحياء المدينة، فهو وجهة أساسية لكل المهتمين المحليين والسياح الأجانب، ومنتجي الأعمال التلفزيونية والسينمائية.
زائر حي “بلاط” يقتنص فرصة التعرف على التاريخ، ومشاهدة مقاهي الزمن القديم بشكلها التراثي، وتأخذه البيوت القديمة بشرفاتها المزخرفة في رحلة إلى قرون مضت.
ويجد السياح في الحي تجسيدا مصغرا لمدينة القسطنطينية العريقة، التي تصارعت الحضارات عليها، ولقبت من بعض القادة بـ “عاصمة العالم”، متنقلين بين أزقتها وأماكنها الأثرية، حاملين كاميراتهم لتخليد اللحظات الجميلة.
أما منتجو الأفلام والمسلسلات التركية، فيفتح لهم الحي القديم، ببيئته الإسطنبولية العريقة، الآفاق واسعة لتصوير الأعمال التلفزيونية والسينمائية.
مسلسل “الحفرة” التركي الشهير، والمستمر عرضه حاليا على قناة Show الخاصة، يجرى تصويره في حي “بلاط”، كما جرى تصوير أعمال كثيرة، وإعلانات عديدة، بين جدران الحي الملونة بشكل حيوي، فبقيت راسخة في قلوب من شاهدوها.
ولعل ولع الزائرين برؤية أماكن تصوير المسلسلات، كان من بين ما شد الأنظار إلى الحي، وخاصة ما حققه مسلسل “الحفرة”، من نجاح في السنوات الأخيرة، بعد تحقيقه نسب مشاهدة عالية، وتساؤلات الزائرين عن أماكن تصويره.
ويشعر زائر المكان بأنه يتجول في ستوديوهات مكشوفة طبيعية للتصوير، بدءا من البيوت الملونة، والمتراصة، وصولاً إلى سكانها الطيبين، المشهورين بكرمهم، وترحيبهم بالضيوف.
وتنتشر في الحي المقاهي القديمة التي حافظت على طرازها العريق، ويمتد عمر بعضها لمئات السنين، فتضفي أجواء جميلة على المكان، وتغري الزائرين بالتقاط الأنفاس فيها والاستمتاع بالشاي والقهوة التركية.
ويضم الحي الكنيسة الحديدية التي تستقطب الكثير من الزائرين الأتراك والأجانب، وهي كنيسة كبيرة تحوي تماثيل ترمز للسيدة مريم، وابنها النبي عيسى، عليهما السلام.
ومن خلال المعلومات التي يقدمها الموظفون بالداخل، يجد الزوار سهولة في التعرف على تاريخ الكنيسة، كما يستطيعون شراء الهدايا التذكارية عن الحي من أماكن مخصصة داخل الكنيسة.
العدسة رصدت حركة كبيرة في الحي من قبل الزوار والسياح، الذين يتجولون في شوارعه وأزقته لالتقاط الصور، خاصة في المناطق التي تشرف على مياه خليج القرن الذهبي الملاصق للحي، والتي تحوي مشاهد متميزة.
ملاصقة الحي القديم لخليج القرن الذهبي يمنحه لمسة جمالية خلابة، فيما إطلاله على الأحياء الحديثة والمباني العالية، يجعله يجمع بين التاريخ القديم، والحياة المعاصرة، وهي ميزة تتمتع بها إسطنبول بشكل عام، كونها جسرا بين الحضارات.
ولعشاق الأشياء القديمة “الأنتيكا” نصيب في حي “بلاط”، الذي يشهد يوميا بيع أشياء ومستلزمات قديمة، بعد الساعة الثالثة عصرًا في مكان مخصص للمزاد العلني، يمارس فيه عشاق اقتناء الأدوات القديمة هوايتهم بكل متعة وأريحية.
وتبقى المباني المشيدة في الحي شاهدة على التلاحم الذي ساد بين سكانه، فلا تزال حبال الغسيل تمتد بين البيوت في بعض الأزقة، بينما تبوح الشرفات القديمة ببعض من الذوق الفني الذي كان يسيطر على هندسة الأحياء قبل مئات السنين، فيما يزين الحياة اليومية مشاهد المسنين يجلسون على كراسيهم الصغيرة يتسامرون فيما بينهم.
وبين البيوت الملونة، والمقاهي القديمة في الحي تطل الدكاكين الصغيرة بما تحويه من تحف وأشياء جميلة يمكن حملها كذكرى من إسطنبول، والحي التاريخي، لتحكي للزائر حكاية من كتب التاريخ.
وبحسب المعلومات التاريخية كان حي “بلاط” قديمًا يسكنه المسيحيون مع أقلية يهودية، ومع الفتح العثماني للمدينة، وسقوط الأندلس، دعا السلطان العثماني بايزيد الثاني اليهود الذين بقوا بلا مأوى إلى إسطنبول، وأسكنهم في هذا الحي.
وعلى مدار قرون تالية، سكن في هذا الحي مسلمون ومسيحيون ويهود ومن الممكن حاليا رؤية الكنائس والجوامع القديمة لا زالت حتى الآن مفتوحة للزائرين والعبادات.
وبعد عام 1948 تراجع عدد اليهود بحي “بلاط”، ومع توسع المدينة قل الاهتمام بالحي لفترة زمنية، إلا أنه عاد وشهد إعادة ترميم منازله وأزقته، فعاد لحويته السابقة، وتحول إلى وجهة سياحية يقصدها عشاق الأصالة والتاريخ بإسطنبول.
وتحتل مدرسة “فنر روم” الخاصة، موقعًا مرتفعًا في الحي، ويرجع تأسيس مبنى المدرسة الحالي والتي تعد أقدم مدارس إسطنبول لعام 1881، ولا زال محتفظا بجماله ورونقه حتى الآن.
ومنذ تاريخ تأسيس المدرسة لم ينقطع التدريس فيها، وكان أساسها المتين سببًا في صمودها أمام الزلازل التي شهدتها إسطنبول في فترات مختلفة لاحقا، وبُنيت المدرسة من القرميد الأحمر والذي تم جلبه من فرنسا آنذاك.
المصدر:الاناضول